فلاديمير أحمدوف
“الربيع العربي” لم يتمناه لا الغرب ولا روسيا ولا الصين
الروس يدركون بأن نظام الاسد آيل إلى السقوط لكنهم أضاعوا فرصة التأثير على النظام السوري
على موسكو أن تعترف بأن الثورة السورية ليست نتاج «لمؤامرة خارجية» وإنما حركة احتجاج شعبي واسعة للسوريين
الثورات العربية نزوع جماعي نحو التحرر من التبعية الخارجية
أصبحت سورية رهينة صراع بين مجموعات مختلفة من المصالح داخل سورية وخارجها
فلاديمير أحمدوف هو كبير الباحثين في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية وأحد أبرز المتخصصين في روسيا بالشؤون السورية، وصاحب مواقف موضوعية وشجاعة من ثورة الشعب السوري. الحوار، هنا، معه يتركز حول طائفة من القضايا المتعلقة بالثورة السورية والمواقف الروسية منها.
: هل لك أن تعرفنا بنفسك دكتور فلاديمير؟
ف. أحمدوف: ولدت في مدينة موسكو ودرست الثانوية فيها. انتسبت إلى معهد بلدان آسيا وأفريقيا التابع لجامعة موسكو الحكومية ودرست في كلية التاريخ والآداب )القسم العربي( .
ودافعت عن رسالة الدكتوراه في نفس الجامعة وكان موضوعها مكرس لسوريا. كما حالفني الحظ بالعيش والدراسة في عدد من البلدان العربية. وأعمل حالياً كبير باحثين علميين في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية. وتتركز اهتماماتي العلمية على دراسة القضايا السياسية والاجتماعية للبلدان العربية الواقعة في الشرق الأوسط وخاصة لإبراز دور الجيش والحركات الاسلامية السياسية في تلك البلدان.
: ماالذي يربطك بسورية وما سر اهتمامك بها؟
ف. أحمدوف: لا توجد أسرار. ولكن اهتمامي الخاص بسورية له في الحقيقة أسباب لأنه تربطني بهذا البلد العربي عدة أمور. أولها: أكن مودة كبيرة جدا للعرب لتاريخهم واحترم ديانتهم وثقافتهم وتقاليدهم وقيمهم الروحية ، وباختصار فإنني أحب العاًلم العربي. وأنا استغرب كيف يمكن أن يقوم الباحث بدراسة البلدان العربية وهو لا يحب العرب الذين يعيشون هناك )ملاحظة : يقصد بها الباحث أحمدوف من كلمة عرب كل من يسكن في البلدان العربية وليس فقط من ينتمون إلى القومية العربية. أي هي كلمة ثقافية معنوية مجازية.(
وأما سورية فهي تمثل بالنسبة لي «حبي الأول». فقد قدر لي أن أكون في سوريا لأول مرة عندما كنت طالبا في الجامعة. كان أيامها الاتحاد السوفياتي. وقليلون من السوفييت كان بإمكانهم السفر للخارج وخاصًة إذا كان السفر بقصد الدراسة. وقد درست في معهد تعليم اللغة العربية للأجانب الموجود في دمشق. وحينها كان المعهد موجودا في حي المهاجرين . كما درست في جامعة دمشق في كلية الآداب واستمعت إلى محاضرات في كليةً الشريعة. واستفدت كثيراً من اقامتي في المدينة الجامعية )في الوحدة الأولى(. وقد منحتني تلك الفترة من الدراسة والإقامة في دمشق الكثير في مجال تعلم اللغة العربية وفي التعرف على الثقافة العربية وتاريخ العرب، سيما وأن ذلك كله اقترن بأجمل أيام عمري وهي مرحلة الشباب. وبعد سنوات عدت إلى دمشق وعملت فيها لسنوات. كما زرت سوريا مرات عديدة واكتسبت صداقات طيبة مع عدد من المثقفين السوريين الذين اعتز بصداقتهم والتي استمرت حتى يومنا هذا. ومن المؤسف أن الأحداث الأخيرة في سورية خلقت شرخاً بين السوريين .
وبسبب ذلك بالذات فإنني اتعامل مع الوضع في سوريا بحساسية وألم كبيرين.
: كتبت العديد من الدراسات العلمية المعمقة عن سوريا. ماهي أهم النتائج التي توصلت إليها حول التطور السياسي لسوريا في العقود الأخيرة )حتى بداية الثورة(؟ .
ف. أحمدوف: بالفعل أعددت أربعة كتب عن سوريا وكتابين بالاشتراك وحوالي 100 مقالة علمية .من الصعب إعطاء وصف مختصر لتطور سوريا السياسي خلال العقود الأخيرة. وقد كتبت كثيرا عن ذلك في مؤلفاتي وفي مدونتي arabesky.livejournal.com . بلا شك فإن حافظ الأسد عمل الكًثير لتحويل سورية إلى قوة إقليمية فعالة ولكن ثمن ذلك كان غاليا. لأن الأسد بنى نظاما شمولياً في إدارة البلاد ، حيث تقع السلطة الحقيقية في أيدي العسكر وكذلكً رفض الأسد باستمرارً إجراء أي تحولات ديمقراطية . أما الاستقرار الداخلي وتماسك النظام فقد بنيت على حرمان المواطن السوري من جميع أنواع الحريات وفي مقدمتها الحرية الشخصية. ومع قدوم بشار الأسد إلى السلطة في سوريا تفاءل الكثيرون داخل سوريا وخارجها بالتغيير نحو الأفضل. ولكن الأسد الإبن لم يستطع
مجابهة نظام السلطة القائم ولم يحقق التغيرات التي انتظرها منه السوريون وخاصة الشباب منهم .وقد اتضح هذا الأمر بقوة في شهر فبراير 2001 عندما انقلب النظام على «ربيع دمشق» . كما أن مقررات المؤتمر العاشر لحزب البعث عام 2005 والتي تضمنت مشاريع سياسية واقتصادية للتغيير في سوريا بقيت حبرا على ورق ولم تكتسب دعما من الدولة والسلطة .
وبعد عام 2007 اتسًعت التوجهات السلبية المرتبًطة باشتداد الصراعات حول السلطة داخل النظامضمن الدائرة المقربة من الرئيس. وقد ترافق ذلك مع أجواء سلبية إقليمية ودولية انعكست على الوضع في سوريا. كما تركت حالة الجفاف الطويلة والمواسم السيئة التي سادت في سوريا في الفترة 2006-2010 بالاضافة إلى انتشار البطالة في المناطق الريفية وهجرتهم بكثافة إلى المدن، كل ذلك خلق توترا اجتماعياً في سوريا. ولم يستطع النظام التعامل بحكمة وبسرعة لمجابهة تحديات ظاهرة « الربيع العًربي.»
: كيف تقيم العلاقات الروسية السورية في الفترة التي سبقت الثورة السورية؟
ف. أحمدوف: اتسمت العلاقات الروسية السورية قبل الثورة بطابعها الاستراتيجي. وقد تطورت تلك العلاقات في جميع المجالات بدون استثناء: السياسية والاقتصادية والتقنية والعسكرية والثقافية .وقد كانت الصداقة الروسية السورية قائمة على أساس تفاهم ايديولوجي ولذلك فالعلاقات شملت مختلف نواحي الحياة الرسمية والشعبية في البلدين. وقد كتبت عن ذلك في كتابي «سوريا المعاصرة »الذي صدر عام 2011. وعلى أعتاب الأحداث الثورية في سوريا تركزت العلاقات الثنائية بين البلدين في المجالات العسكرية والأمنية. ولم يكن ذلك صدفة إذا ما تذكرنا بأن السلطة في سورية متركزة في أيدي الجيش وأجهزة الأمن السورية. فمن يمسك بالقوة العسكرية والأمنية يستطيع التحكم بمصير البلد. وقد لعبت هذه الاعتبارات دورا بارزاً في تحديد الموقف الروسي الخاطئ من الثورة السورية بعد الانتفاضة الاجتماعية الشعبية العًارمة والأزمة الناتجة . علاوة على ذلك فإن تضييق قنوات الاتصال بين البلدين في مجالات أخرى )مثل النقابات والأحزاب واتحادات الكتاب والمثقفين وحتى العلاقات الدينية وعلى مستوى المحافظات وغيرها( جعل روسيا غير قادرة على إدراك الخطر الكبير الذي يحيق بسوريا ومنعها من اتخاذ خطة صحيحة للعمل والتفاعل مع الأحداث في سوريا.
: ماهي الأسباب الجوهرية للثورات العربية برأيك؟
ف. احمدوف: برأيي السبب الرئيسي لكل الثورات العربية هو سعي الشعوب العربية بما فيها جزء من النخب العربية إلى «التحرر» من قبضة التبعية الخارجية والحصول على استقلالية في حلالمشاكل الداخلية والحياة الإقليمية. وقد جرب العرب هذه المساعي اكثر من مرة . لنتذكر الثورةالعربية الكبرى عام 1916 والنهوض الكبير لحركات التحرر الوطني بعد الحرب العالمية الثانية . وقد انتهت تلك الانتفاضات والحركات الشعبية بالفشل مرة تلو الأخرى وتبع ذلك حكم خارجي تحت مسميات «متحضرة» لكن مضمونها يكرس الاستحواذ على مقدرات الشعوب العربية وثرواتها الوطنية .
واليوم، نشهد في ظاهرة «الربيع العربي» محاولة جديدة ولكنها تحمل، سواء أعجبنا ذلك أم لم يعجبنا، طابعا شعبيا واسلاميا. فالحكومات العربية العلمانية التي ظهرت على المسرح السياسي بعد الكفاح التحرريً، لم تسًتطع تقًديم حلاً جذريا للمشاكل الكبرى المرتبطة بتحرير الشعوب العربية.
وانطلاقا من ذلك نجد أن التوافق الحالي بين سًياسة الغرب وروسيا وكذلك إيران والصين تجاه الثورة السوريةً ، مع مراعاة الفوارق الشكلية في مواقفهم، تؤكد مرة أخرى على أن «الربيع العربي» لم يتمناه أحد منهم وكذلك الثورة السورية ليس فقط لم ينتظروها وإنما أرعبتهم جميعاً.
: وماذا عن خصوصية الثورة السورية وسماتها الأساسية؟
ف. أحمدوف: إحدى أهم سمات الثورة السورية وخصوصيتها تكمن في أنها ثورة شعبية بامتياز .فأغلبية السوريين قرفوا من الحكم السوري الظالم ومع ذلك لم يفكر الناس بالثورة لأنهم شاهدوا المآسي والأحداث الدموية التي حصلت في العراق ولبنان وليبيا. ولكن ردة الفعل الخاطئة من قبل الأجهزة الأمنية السورية ومن النظام ككل تجاه التظاهرات السلمية للشباب السوري، الذين يمثلون الكتلة الأساسية في حركات الاحتجاج، أجبرت أطيافاً واسعة من الشعب السوري على النهوض ضد النظام الحاكم وانتهت أخيراً بحمل السلاح.
: هل كان لبشار الأسد خيارات أخرى غير الحل الأمني والعسكري الذي أدى إلى تدمير سوريا؟
ف. أحمدوف: بالطبع فإن الاسد كانت لديه منذ البداية امكانية لحل الأزمة بطريقة سلمية بأن يعالجها سياسيا. ولكنني أرى أولاً: أن السلطة في سورية نسيت في السنوات الأخيرة حتى أبسط أنواع التواصل مًع الشعب، وثانيا: فإن «الاعتقاد بأمن السلطة» وحصانتها من النقد والمحاسبة وعدم تحملها مسؤولياتها وابتعادها عنً الشعب، أدى إلى بروز الطريقة الأمنية لقمع الانتفاضة السلمية كخيار وحيد من وجهة نظر الحاشية المحيطة ببشار الأسد وخاصة من أقربائه.
: كيف تقيم دور سلطة بشار الاسد وعصابته؟ ومن برأيك يحكم سوريا في الواقع؟
ف. أحمدوف: من وجهة نظري فإن الاسد والمحيطين به لعبوا دوراً تدميرياً ضد سورية وشعبها. أمااليوم فقد تلاشى ذلك الدور السوري الذي حققه حافظ أسد، والذي كان ثمنه توطيد النظام الشمولي في البلاد، والذي كانت تحسب له الحساب ليس فقط قوى الجيران العرب بل أسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية. أما فكرة المقاومة التي شكلت فيها دمشق حلقة مهمة فقد دمرت وسوريا بشار الأسد ظهرت للجميع كأضعف حلقة في سلسلة المقاومة من طهران إلى غزة .
واليوم يصعب القول من الذي يحكم سوريا. فنظام الأسد، بالرغم من الجهود التي يبذلها في الأشهر الأخيرة لا يستطيع أن يعيد سيطرته على معظم المناطق السورية وحتى في بعض أحياء دمشق وريفها. وأصبحت سورية رهينة صراع بين مجموعات مختلفة من المصالح داخل سورية وخارجها وساحة للتنافس بين الدول العربية التي يتزايد تأثيرها ناهيك عن اللاعبين الإقليميين الكبار والدول الكبرى ، وذلك يشبه إلى حد بعيد ما جرى في اربعينيات وخمسينيات القرن العشرين.
: ما هي نظرتك لفصائل المعارضة السورية بشكل عام وللمجلس الوطني والائتلاف الوطني بشكل خاص؟
ف. أحمدوف: المشكلة الرئيسية للمعارضة السورية الخارجية منها والداخلية تتجسد في أن أغلبيتها لم تكن جاهزة للثورة. فقبل الثورة لا يمكننا الحديث عن وجود معارضة داخلية فعالة. فهي ببساطة لم تكن موجودة، إذا ما استثنينا قلة من المجموعات التي كانت تعمل بشكل سري للغاية. أما المعارضة الخارجية، مع استثناءات قليلة جدا، فلم تفكر بشكل جدي بالثورة حسبما أرى، وإنما كانت تتأمل بإحياء أفكار «ربيع دمشق» وبإصلاحً النظام بالتدريج أولا في المجال الاقتصادي ثم المجال السياسي. وقد أدركت المعارضة استحالة إجراء هذه الإصلاحات السياسية مع بقاء سلطة الأسد وجماعته، فقط بعد مرور نصف سنة على الاحتجاجات الشعبية في سورية.
إلى ذلك الحين بدأت المعارضة الخارجية والداخلية تبلور نفسها وتنظم صفوفها وظهرت أولى المجموعات المسلحة ممثلة بالجيش السوري الحر. ولكن المعارضة بقيت غير منظمة بشكل كافٍ ووفصائلها المختلفة ضعيفة التواصل والتلاحم فيما بينها، وتعرضت إلى ضغوطات سياسية مختلفة المشارب وخاصة من قبل تلك الدول التي تواجدت فيها. وقد طالت كثيرا عملية تنظيم المعارضة السورية وبالرغم من تشكل الائتلاف الوطني السوري فهذه العملية لم تكتمًل بعد. ومع ذلك فقد حصل في هذا الإطار تقدم واضح مقارنة بالماضي. وبرأيي فإن المشكلة الرئيسية للمعارضة السورية ،بالاضافة لما هو معروف، هي أن المعارضة لم تبادر منذ البداية إلى تشكيل قوة سياسية )حزب( مع جناح عسكري )عندما اكتسبت الحركة الاحتجاجية طابعا مسلحا(، قادرة على طرح برنامج سياسي واضح وتقديم قائد بديل مما كان سيترك تأثيراً إيجابياً عًلى المجتًمع الدولي في مجال الدعم والمساعدة .
: كيف تنظر إلى دور الجيش السوري الحر وهل ترى خطراخطراَ في الدور المستقبلي لبعض المجموعات المسلحة في مرحلة ما بعد الأسد؟
ف. أحمدوف: في الوقت الراهن يعتبر الجيش السوري الحر القوة الوحيدة المجابهة للآلة العسكرية الاسدية والقادرة على حماية السكان المدنيين في المناطق «المتمردة» وضد وحشية «الشبيحة.»وانطلاقا من التركيبة الاجتماعية للجيش السوري الحر ، حيث يضم في صفوفه عسكريين محترفين هجروا النظام ، ومدنيين حملوا السلاح لأهداف وطنية، فإننا نعتقد بأن الجيش الحر يعكس مصالح أغلبية الشعب السوري، وفي هذا الإطار يمثل جيشا شعبيا وسيحافظ على التقاليد العسكرية المعروفة للضابط السوري التي تبلورت في غمار النضال الًتحرريً. وكون العديد من فصائل الجيش الحر تحمل أسماء مرتبطة بالاسلام فإن ذلك في المستقبل سيمثل تحديا حقيقيا للجيش السوري الجديد الذي تناط به مهمة حماية الوطن من الأعداء وليس التحول إلى أدًاة في صًراع ديني بيد السياسيين الوصوليين البعيدين كل البعد عن الإسلام. ونظرا لأن سورية كانت وستبقى مركزا للعروبة والعالم العربي فإن العسكريين السوريين قادرين على حلً هذه المشكلة بالتعاون مع السًلطة السياسية الجديدة.
: – ماهي حيثيات وأسباب الموقف الروسي من الوضع في سوريا؟ وهل روسيا مضطرة لاتخاذ هكذا موقف. وما هي أهداف روسيا من خلال حماية ودعم نظام بشار الاسد على مدى اكثر من 21 شهراً؟ً
ف. أحمدوف: فيما يخص الموقف الروسي من سوريا:
منذ بداية الثورة السورية قامت روسيا بتقديم الدعم المتواصل لنظام الأسد وتستمر في دعمه حتى اليوم. وقد برز الموقف الروسي بوضوح من خلال الدعم الدبلوماسي في الساحة الدولية في مجلس الأمن وكذلك في شحنات الأسلحة الروسية للنظام السوري.
وحيثيات الموقف الروسي من سوريا تعود إلى أمور عدة. أهمها برأينا ما يلي: أولاً لم تقدر موسكو بشكل صحيح قوة الحركة الشعبية التي بدأت في 15 آذار – مارس في سوريا. ويعود ذلك الموقف إلى اعتماد موسكو في فهم الأسباب الحقيقية وخصوصيات الانتفاضة الشعبية ، على تقدير الجانب السوري )نظام الأسد( الذي اعتبر كل ما يجري في سوريا مؤامرة خارجية. ولم تقدر بشكل صائب امكانية النظام السوري في تسوية الأزمة الناشئة وردود الفعل المحتملة من الدول العربية والدول الإقليمية )تركيا وإيران واسرائيل( وكذلك الدول الغربية حيال الوضع الناشئ في سوريا .
وبالنتيجة فإن روسيا ضيعت )بسبب العلاقات التقليدية المتينة مع دمشق( فرصة استخدام التاثير الضروري على الأسد ومن حوله لتحويل الأزمة باتجاه التسوية السياسية لإعاقة تدويل المشكلة وتحوله الصراع إلى صراع مسلح داخلي بين السوريين تفوح منه رائحة الصراع الطائفي.
واليوم، بعد حصول تغير جذري في ميزان القوى لصالح الثورة السورية وتقوية مواقع الفصائل «الإسلامية» في المقاومة المسلحة فإن موقف روسيا تجاه سوريا تغير بشكل ملحوظ. ويعرف الروس بأن نظام الاسد آيل إلى السقوط )علماً أن ذلك كان واضحاً منذ زيارة دمشق في فبراير 2012 من قبل لافروف وفرادكوف(. وبالرغم من ذلك كله فإن روسيا لا تسرع في التخلي عن موقفها السابق في دعم الاسد. وذلك يتلخص في أن موسكو مثلها مثل دمشق مضطرة للاقرار بأن الثورة السوريةليست نتاج «لمؤامرة خارجية» وإنما حركة شرائح اجتماعية واسعة من الشعب السوري تحظى بدعم القوى المختلفة في العالم العربي على أساس التضامن العربي والإسلامي. ويشير إلى صحة ما نقوله الموقف الأخير لوزارة الخارجية الروسية من الحوار مع الائتلاف الوطني السوري والمحادثات الأخيرة في موسكو بين سيرغي لافروف ووليد المعلم. وبخلاف الكثير من الدول العربية والغربية فإن موسكو مازالت تعتبر نظام الأسد مشاركاً في العملية السياسية للتسوية في سوريا أجرى الحوار في موسكو حمزة الحمزة